إن علم النجوم ينقسم ثلاثة أقسام:
قسم منها هومعرفة تركيب الأفلاك وكمية الكوكب، وأقسام البروج وأبعادها وعظمها وحركاتها، وما يتبعها من هذا الفن، ويسمى هذا القسم "علم الهيئة"
ومنها قسم هومعرفة حل الزيجات؛ وعمل التقاويم واستخراج التواريخ، وما شاكل ذلك.
ومنها قسم هومعرفة كيفية الاستدلال بدوران الفلك وطوالع البروج وحركات الكواكب على الكائنات قبل كونها تحت فلك القمر، ويسمى هذا النوع" علم الأحكام" فنزيد أن نذكر هنا من كل نوع طرفاً شبه المدخل كما يسهل الطريق على المتعلمين ويقرب تناوله للمبتدئين، فنقول:
أصل علم النجوم
هومعرفة ثلاثة أشياء، وهي الكوكب والأفلاك والبروج. فالكواكب أجسام كريات مستديرات مضيئات، وهي ألف وتسعة وعشرون كوكباً كباراً؛ التي أدركت بالرصد منها سبعة يقال لها السيارة، وهي زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر؛ والباقية يقال لها ثابتة، ولكل كوكب من السبعة السيارة فلك يخصه. والأفلاك هي أجسام كريات مشفات مجوفات، وهي تسعة أفلاك مركبة بعضها في جوف بعض كحلقة البصلة، فأدناها إلينا فلك القمر وهومحيط بالهواء من جميع الجهات، كإحاطة قشرة اليبضة ببياضها، والأرض في جوف الهواء كالمح؛ في بياضها، ومن وراء فلك القمر فلك عطارد،ومن وراء فلك عطارد فلك الزهرة، ومن وراء فلك الزهرة فلك الشمس، ومن وراء فلك الشمس فلك المريخ، ومن وراء فلك المريخ فلك المشتري، ومن وراء فلك المشتري فلك زحل، ومن وراء فلك زحل فلك الكوكب الثابتة، ومن وراء فلك الكواكب الثابتة فلك المحيط،
وذلك أن الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض؛ ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض، في كل يوم وليلة دورة واحدة، ويدير سائر الأفلاك والكوكب معه، كما قال الله عز وجل" وكل في فلك يسبحون". وهذا الفلك المحيط مقسوم باثني عشر قسماً كجزر؛ البطيخة؛ كل قسم منها يسمى برجاً، وهذه أسماؤها: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلووالحوت.
فكل برج ثلاثون درجة، جملتها ثلاثمائة وستون درجة، وكل درجة ستون جزءاً، كل جزء يسمى دقيقة، جملتها أحد وعشرون ألفاً وستمائة دقيقة، وكل دقيقة ستون جزءاً يسمى ثانية، وكل ثانية ستون جزءاً يسمى ثالثة، وهكذا إلى الروابع والخوامس وما زاد، بالغاً ما بلغ.
وهذه البروج
توصف بأوصاف شتى من جهات عدة. وقبل وصفها نحتاج أن نذكر أشياء لا بد من ذكرها، منها أن الزمان أربعة أقسام وهي: الربيع والصيف والخريف والشتاء؛
والجهات أربع وهي المشرق والمغرب والجنوب والشمال؛
والأركان أربعة وهي النار والهواء والماء والأرض؛
والطبائع أربع وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة؛
والأخلاط أربع وهي الصفراء والسوداء والبلغم والدم؛
والرياح أربع وهي الصبا والدبور والجربياء والتيماء
فصل في ذكر صفة البروج
فنقول: منها ستة شمالية، وستة جنوبية،
وستة مستقيمة الطلوع، وستة معوجة الطلوع،
وستة ذكور، وستة إناث،
وستة نهارية، وستة ليلية،
وستة فوق الأرض، وستة تحت الأرض،
وستة تطلع بالنهار، وستة تطلع بالليل،
وستة صاعدة، وستة هابطة،
وستة يمنة، وستة يسرة،
وستة من حيز الشمس، وستة من حيز القمر.
تفصيلها:
أما الستة الشمالية، فهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة. وإذا كانت الشمس في واحد منها يكون الليل أقصر، والنهار أطول،
وأما الستة الجنوبية فهي الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلووالحوت. وإذا كانت الشمس في واحد منها، يكون الليل أطول والنهار أقصر.
وأما المستقيمة الطلوع فهي السرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس. وكل واحد منها يطلع في أكثر من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون هابطة من الشمال إلى الجنوب، ومن الأوج إلى الحضيض، والليل آخذ من النهار.
وأما المعوجة الطلوع فهي الجدي والدلووالحوت والحمل والثور والجوزاء، وكل واحد منها يطلع في أقل من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون صاعدة من الجنوب إلى الشمال، ومن الحضيض إلى الأوج، والنهار آخذ من الليل.
وأما الستة الذكور النهارية، فهي الحمل والجوزاء والأسد والميزان والقوس والدلو.وأما الستة الإناث الليلية، فهي الثور والسرطان والسنبلة والعقرب والجدي والحوت.وأما الستة التي تطلع بالنهار، فهي من البرج الذي فيه الشمس إلى البرج السابع منها.
والستة التي تطلع بالليل، هي من البرج السابع إلى البرج الذي فيه الشمس. وأما الستة التي من حيز الشمس فهي من برج الأسد إلى برج الجدي. والستة التي من حيز القمر هي من برج الدلوإلى برج السرطان.
ومن وجه آخر هذه البروج تنقسم أربعة أقسام
منها ثلاثة ربيعية صاعدة في الشمال، زائدة النهار على الليل، وهي الحمل والثور والجوزاء،
وثلاثة صيفية هابطة في الشمال، آخذة الليل من النهار، وهي السرطان والأسد والسنبلة.
و منها ثلاثة خريفية هابطة في الجنوب، زائدة الليل على النهار، وهي الميزان والعقرب والقوس.
ومنها ثلاثة شتوية صاعدة من الجنوب، آخذة النهار من الليل، وهي الجدي والدلووالحوت.
وتنقسم هذه البروج من جهة أخرى أربعة أقسام:
ثلاثة منها مثلثات ناريات حارات يابسات شرقيات على طبيعة واحدة وهي: الحمل والأسد والقوس،
وثلاثة منها مثلثات ترابيات باردات يابسات جنوبيات على طبيعة واحدة وهي: الثور والسنبلة والجدي،
وثلاثة منها مثلثات هوائيات حارات رطبات غربيات على طبيعة واحدة وهي: الجوزاء والميزان والدلو.
ومنها مثلثات مائيات باردات رطبات شماليات على طبيعة واحدة وهي: السرطان والعقرب والحوت.
وكذلك من جهة أخرى تنقسم هذه البروج ثلاثة أثلاث:
أربعة منها منقلبة الزمان، وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي،
وأربعة منها ثابتة الزمان، وهي الثور والأسد والعقرب والدلو،
وأربعة منها ذوات الجسدين، وهي الجوزاء والسنبلة والقوس والحوت.
فقد بان بهذا الوصف في هذا الشكل أن لوكانت البروج أكثر من اثني عشر، أوأقل من ذلك، لما استمرا فيه هذه الأقسام على هذا الوجه الذي ذكرنا. فإذاً بواجب الحكمة كانت اثني عشر، لأن الباري- جل ثناؤه- لا يفعل إلا ألاحكم والأتقن. ومن أجل هذا جعل الأفلاك كريات الشكل، لأن هذا الشكل أفضل الأشكال، وذلك أنه أوسعها وأبعدها من الآفات، وأسرعها حركة، ومركزه في وسطه، وأقطاره متساوية، ويحيط به سطح واحد، ولا يماس غيره إلا على نقطة، ولا يوجد في شكل غيره هذه الأوصاف، وجعل أيضاً حركته مستديرة، لأنها أفضل الحركات. وهذه البروج الاثنا عشر تنقسم بين هذه الكواكب السبعة السارة من عدة وجوه،
ولها فيها أقسام وخطوط من وجوه شتى:
فمنها البيت والبال، ومنها الأوج والحضيض،
ومنها الشرف والهبوط، ومنها الجوزهر، يعني الرأس والذنب،
ومنها ربوبية المثلثات، ومنها ربوبية الوجوه، ومنها ربوبية الحدود،
ومنها ربوبية النوبهرات، ومنها ربوبية ألا ثنى عشريات، ومنها ربوبية مواضع السهام، وغير ذلك، وإن هذه الكواكب السيارة كالأرواح، والبروج لها كالأجساد
ذكر البيوت والوبال
فنقول: أعلم أن الاسد بيت الشمس،
والسرطان بيت القمر،
والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد،
والثور والميزان بيتا الزهرة،
والحمل والعقرب بيتا المريخ،
والقوس والحوت بيتا المشتري،
والجدي والدلوبيتا زحل.
ولكل واحد من هذه الكواكب الخمسة بيت من حيز الشمس وبيت من حيز القمر.
ووبال كل كوكب في مقابله بيته. وهذه الكواكب لبعضها في بيوت بعض مواضع مخصوصة،
فمنها الشرف والهبوط، ومنها الأوج والحضيض، ومنها الجوزهر،
تفسير ذلك:
فأما الشرف فهو أعز موضع للكواكب في الفلك، والهبوط ضده،
والأوج أعلى موضع للكواكب في الفلك، والحضيض ضده.
فشرف الشمس في الحمل وهوبيت المريخ وأوجها في الجوزاء بيت عطارد،
وشرف زحل في الميزان بيت الزهرة، وأوجه في القوس بيت المشتري، وجوزهره في السرطان بيت القمر.
. ومعنى الجوزهر تقاطع طريق الكواكب لطريق الشمس بممرها في البروج في موضعين أحدهما يسمى رأس الجوزهر والآخر ذنب الجوزهر، وذلك أن زحل إذا سار في البروج، يكون مسيره في ستة أبراج عن يمنة طريق الشمس، ثم يعبر إلى الجانب الآخر ويسير ستة أبراج عن يسرة طريق الشمس، فيحدث لطريقها تقاطع في موضعين أحدهما يسمى الرأس والآخر الذنب، ولكل كوكب من الخمسة السيارة جوزهر مثل ما لزحل مذكور ذلك في الزيجات. وأما المذكور في التقاويم فهو الذي للقمر. ويقال لهما أيضاً العقدتان وإنما اختص ذكرهما في التقاويم لأنهما ينتقلان في البروج والدرج ولهما سير كسير الكواكب، ولهما دلالة كدلالة الكوكب.
وإذا اجتمع الشمس والقمر في وقت من الأوقات عند أحدهما في برج واحد ودرجة واحدة، انكسفت الشمس، ولا يكون ذلك إلا في آخر الشهر، لأن القمر يصير محاذ ياً لموضع الشمس من البرج والدرجة، فيمنع نور الشمس عن أبصارنا فنراها منكسفة مثل ما تمنع قطعة غيم عن أبصارنا نور الشمس، إذا مرت محاذية لأبصارنا ولعين الشمس. وإذا كانت الشمس عند أحدهما وبلغ القمر إلى الآخر انخسف القمر، ولا يكون خسوف القمر إلا في نصف الشهر، لأن القمر في نصف الشهر يكون في البرج المقابل للبرج الذي فيه الشمس، وتكون الأرض في الوسط فتمنع نور الشمس عن إشراقه على القمر، فيرى القمر منخسفاً، لأنه ليس له نور من نفسه، وإنما يكتسي النور من الشمس،
وشرف المشتري في السرطان، وأوجه في السنبلة، ورأس جوزهره في الجوزاء،
وشرف المريخ في الجدي، واوجه في الأسد، وجوزهره في الحمل،
وشرف الزهرة في الحوت، واوجها في الجوزاء، ورأس جوزهرها في الثور،
وشرف عطارد في السنبلة، وأوجه في الميزان، وجوزهره في الحمل،
وشرف القمر في الثور، وأوجه في البروج، متحرك يعرف موضعه ذلك من التقويم والزيج؛
وجملته إذا قارن الشمس فهو عند الأوج، أوقابلها فهو عند الأوج. وفي مقابلة شرف كل كوكب هبوطه من البرج السابع مثله، وفي مقابلة الأوج الحضيض مثل ذلك، وفي مقابلة شرف رأس الجوزهر موضع الذنب من البرج السابع مثله.
أرباب المثلثات والوجوه والحدود
أعلم أن هذه الكواكب السيارة لبعضها في بيوت بعض شركة تسمى" ربوبية المثلثات"
ولها فيها أقسام تسمى" الوجوه"
ولها فيها خطوط تسمى" الحدود".
تفصيل ذلك
أن كل ثلاثة أبراج على طبيعة واحدة تسمى المثلثات كما بين من قبل ذلك، وتديرها ثلاثة كواكب تسمى أرباب المثلثات يستدل بها على أثلاث أعمار المواليد.
فأرباب المثلثات الناريات بالنهار الشمس ثم المشتري، وبالليل المشتري ثم الشمس، وشريكهما بالليل والنهار زحل؛
وأرباب المثلثات الترابيات بالنهار الزهرة ثم القمر، وبالليل القمر ثم الزهرة، وشريكهما بالليل والنهار المريخ؛
وأرباب المثلثات الهوائيات بالنهار زحل ثم عطارد، وبالليل عطارد ثم زحل؛ وشريكهما بالليل والنهار المشتري؛
وأرباب المثلثات المائيات بالنهار الزهرة ثم المريخ، وبالليل المريخ ثم الزهرة، وشريكهما بالليل والنهار القمر .
أرباب الوجوه
اعلم أن كل برج من هذه الأبراج ينقسم ثلاثة أثلاث، كل ثلث عشر درجات يسمى وجهاً، منسوباً ذلك إلى كوكب من السيارة يقال له" رب الوجه" يستدل به على صورة المولود، وعلى ظواهر الأمور.
تفصيل ذلك
العشر درجات الأولى من برج الحمل وجه المريخ،
وعشر درجات الثانية وجه الشمس،
وعشر درجات الأخيرة وجه الزهرة؛
وعشر درجات من الثور وجه عطارد،
والعشر الثانية وجه القمر،
والعشر الأخيرة وجه زحل؛
وعشر درجات من الجوزاء وجه المشتري،
والعشر الثانية وجه المريخ،
والعشر الأخيرة وجه الشمس؛
وعلى هذه القياس إلى آخر الحوت كل عشر درجات وجه لكوكب واحد على توالي أفلاكها كما بينا.
معرفة الحدود
فأما ذكر الحدود وأربابها فإن كل برج من هذه الأبراج ينقسم بخمسة أقسام مختلفة الدرج، أقل جزء منها درجتان، وأكثرها اثنتا عشرة درجة، كل جزء منها يسمى حداً، منسوباً ذلك الحد إلى كوكب من الخمسة السيارة يقال له" رب الحد" يستدل به على أخلاق المولود.
وليس للشمس ولا للقمر فيها نصيب،
الكواكب السيارة
فنقول: اثنان منها نيران وهما الشمس والقمر،
واثنان منها سعدان وهما المشتري والزهرة،
واثنان منها نحسان وهما زحل والمريخ،
وواحد ممتزج وهوعطارد،
وعقدتان وهما الرأس والذنب.
ذكر طبائعها
الشمس" ذكر حار ناري نهاري سعد."
زحل" بارد يابس ذكر نهاري نحس."
المشتري" حار رطب ذكر نهاري سعد."
المريخ" حار يابس أثنى ليلي نحس." الزهرة" باردة رطبة مؤنثة ليلية سعد."
عطارد" لطيف ممتزج سعد."
القمر" بارد رطب أنثى ليلي سعد أسود.
" الرأس" مثل المشتري." الذنب" مثل زحل.
ذكر أنوارها
نور الشمس خمس عشرة درجة أمامها، ومثل ذلك خلفها. نور زحل والمشتري كل واحد تسع درجات قدامه، ومثل ذلك خلفه. نور المريخ ثماني درجات أمامه، ومثل ذلك خلفه. نور الزهرة وعطارد كل واحد سبع درجات أمامه، ومثل ذلك خلفه. نور القمر اثنتا عشرة درجة قدامه، ومثل ذلك خلفه.
ذكر ما لها من الأيام والليالي
أعلم أن الليل والنهار وساعاتهما مقسومة بين الكواكب السيارة، فأول ساعة من يوم الأحد، ومن ليلة الخميس للشمس؛
وأول ساعة من يوم الاثنين، ومن ليلة الجمعة للقمر؛
وأول ساعة من يوم الثلاثاء، ومن ليلة السبت للمريخ؛
وأول ساعة من الأربعاء، وليلة الأحد لعطارد؛
وأول ساعة من يوم الخميس وليلة الاثنين للمشتري،
وأول ساعة من يوم الجمعة وليلة الثلاثاء للزهرة؛
وأول ساعة من يوم السبت وليلة الأربعاء لزحل.
فأما سائر ساعات الليل والنهار فمقسومة بين هذه الكواكب على توالي أفلاكها، مثال ذلك أن الساعة الثانية من يوم الأحد للزهرة التي فلكها دون فلك الشمس؛ والساعة الثالثة لعطارد الذي فلكه دون فلك الزهرة؛ والساعة الرابعة للقمر الذي فلكه دون فلك عطارد؛ والساعة الخامسة لزحل، والساعة السادسة للمشتري، والساعة السابعة للمريخ، والساعة الثامنة للشمس، والتاسعة للزهرة، والعاشرة لعطارد، والحادية عشرة للقمر، والثانية عشرة لزحل؛ وعلى هذا الحساب سائر ساعات الأيام والليالي يبتدئ من رب الساعة الأولى على توالي أفلاكها كما بينا
قسم منها هومعرفة تركيب الأفلاك وكمية الكوكب، وأقسام البروج وأبعادها وعظمها وحركاتها، وما يتبعها من هذا الفن، ويسمى هذا القسم "علم الهيئة"
ومنها قسم هومعرفة حل الزيجات؛ وعمل التقاويم واستخراج التواريخ، وما شاكل ذلك.
ومنها قسم هومعرفة كيفية الاستدلال بدوران الفلك وطوالع البروج وحركات الكواكب على الكائنات قبل كونها تحت فلك القمر، ويسمى هذا النوع" علم الأحكام" فنزيد أن نذكر هنا من كل نوع طرفاً شبه المدخل كما يسهل الطريق على المتعلمين ويقرب تناوله للمبتدئين، فنقول:
أصل علم النجوم
هومعرفة ثلاثة أشياء، وهي الكوكب والأفلاك والبروج. فالكواكب أجسام كريات مستديرات مضيئات، وهي ألف وتسعة وعشرون كوكباً كباراً؛ التي أدركت بالرصد منها سبعة يقال لها السيارة، وهي زحل والمشتري والمريخ والشمس والزهرة وعطارد والقمر؛ والباقية يقال لها ثابتة، ولكل كوكب من السبعة السيارة فلك يخصه. والأفلاك هي أجسام كريات مشفات مجوفات، وهي تسعة أفلاك مركبة بعضها في جوف بعض كحلقة البصلة، فأدناها إلينا فلك القمر وهومحيط بالهواء من جميع الجهات، كإحاطة قشرة اليبضة ببياضها، والأرض في جوف الهواء كالمح؛ في بياضها، ومن وراء فلك القمر فلك عطارد،ومن وراء فلك عطارد فلك الزهرة، ومن وراء فلك الزهرة فلك الشمس، ومن وراء فلك الشمس فلك المريخ، ومن وراء فلك المريخ فلك المشتري، ومن وراء فلك المشتري فلك زحل، ومن وراء فلك زحل فلك الكوكب الثابتة، ومن وراء فلك الكواكب الثابتة فلك المحيط،
وذلك أن الفلك المحيط دائم الدوران كالدولاب يدور من المشرق إلى المغرب فوق الأرض؛ ومن المغرب إلى المشرق تحت الأرض، في كل يوم وليلة دورة واحدة، ويدير سائر الأفلاك والكوكب معه، كما قال الله عز وجل" وكل في فلك يسبحون". وهذا الفلك المحيط مقسوم باثني عشر قسماً كجزر؛ البطيخة؛ كل قسم منها يسمى برجاً، وهذه أسماؤها: الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلووالحوت.
فكل برج ثلاثون درجة، جملتها ثلاثمائة وستون درجة، وكل درجة ستون جزءاً، كل جزء يسمى دقيقة، جملتها أحد وعشرون ألفاً وستمائة دقيقة، وكل دقيقة ستون جزءاً يسمى ثانية، وكل ثانية ستون جزءاً يسمى ثالثة، وهكذا إلى الروابع والخوامس وما زاد، بالغاً ما بلغ.
وهذه البروج
توصف بأوصاف شتى من جهات عدة. وقبل وصفها نحتاج أن نذكر أشياء لا بد من ذكرها، منها أن الزمان أربعة أقسام وهي: الربيع والصيف والخريف والشتاء؛
والجهات أربع وهي المشرق والمغرب والجنوب والشمال؛
والأركان أربعة وهي النار والهواء والماء والأرض؛
والطبائع أربع وهي الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة؛
والأخلاط أربع وهي الصفراء والسوداء والبلغم والدم؛
والرياح أربع وهي الصبا والدبور والجربياء والتيماء
فصل في ذكر صفة البروج
فنقول: منها ستة شمالية، وستة جنوبية،
وستة مستقيمة الطلوع، وستة معوجة الطلوع،
وستة ذكور، وستة إناث،
وستة نهارية، وستة ليلية،
وستة فوق الأرض، وستة تحت الأرض،
وستة تطلع بالنهار، وستة تطلع بالليل،
وستة صاعدة، وستة هابطة،
وستة يمنة، وستة يسرة،
وستة من حيز الشمس، وستة من حيز القمر.
تفصيلها:
أما الستة الشمالية، فهي الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة. وإذا كانت الشمس في واحد منها يكون الليل أقصر، والنهار أطول،
وأما الستة الجنوبية فهي الميزان والعقرب والقوس والجدي والدلووالحوت. وإذا كانت الشمس في واحد منها، يكون الليل أطول والنهار أقصر.
وأما المستقيمة الطلوع فهي السرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس. وكل واحد منها يطلع في أكثر من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون هابطة من الشمال إلى الجنوب، ومن الأوج إلى الحضيض، والليل آخذ من النهار.
وأما المعوجة الطلوع فهي الجدي والدلووالحوت والحمل والثور والجوزاء، وكل واحد منها يطلع في أقل من ساعتين. وإذا كانت الشمس في واحد منها، تكون صاعدة من الجنوب إلى الشمال، ومن الحضيض إلى الأوج، والنهار آخذ من الليل.
وأما الستة الذكور النهارية، فهي الحمل والجوزاء والأسد والميزان والقوس والدلو.وأما الستة الإناث الليلية، فهي الثور والسرطان والسنبلة والعقرب والجدي والحوت.وأما الستة التي تطلع بالنهار، فهي من البرج الذي فيه الشمس إلى البرج السابع منها.
والستة التي تطلع بالليل، هي من البرج السابع إلى البرج الذي فيه الشمس. وأما الستة التي من حيز الشمس فهي من برج الأسد إلى برج الجدي. والستة التي من حيز القمر هي من برج الدلوإلى برج السرطان.
ومن وجه آخر هذه البروج تنقسم أربعة أقسام
منها ثلاثة ربيعية صاعدة في الشمال، زائدة النهار على الليل، وهي الحمل والثور والجوزاء،
وثلاثة صيفية هابطة في الشمال، آخذة الليل من النهار، وهي السرطان والأسد والسنبلة.
و منها ثلاثة خريفية هابطة في الجنوب، زائدة الليل على النهار، وهي الميزان والعقرب والقوس.
ومنها ثلاثة شتوية صاعدة من الجنوب، آخذة النهار من الليل، وهي الجدي والدلووالحوت.
وتنقسم هذه البروج من جهة أخرى أربعة أقسام:
ثلاثة منها مثلثات ناريات حارات يابسات شرقيات على طبيعة واحدة وهي: الحمل والأسد والقوس،
وثلاثة منها مثلثات ترابيات باردات يابسات جنوبيات على طبيعة واحدة وهي: الثور والسنبلة والجدي،
وثلاثة منها مثلثات هوائيات حارات رطبات غربيات على طبيعة واحدة وهي: الجوزاء والميزان والدلو.
ومنها مثلثات مائيات باردات رطبات شماليات على طبيعة واحدة وهي: السرطان والعقرب والحوت.
وكذلك من جهة أخرى تنقسم هذه البروج ثلاثة أثلاث:
أربعة منها منقلبة الزمان، وهي الحمل والسرطان والميزان والجدي،
وأربعة منها ثابتة الزمان، وهي الثور والأسد والعقرب والدلو،
وأربعة منها ذوات الجسدين، وهي الجوزاء والسنبلة والقوس والحوت.
فقد بان بهذا الوصف في هذا الشكل أن لوكانت البروج أكثر من اثني عشر، أوأقل من ذلك، لما استمرا فيه هذه الأقسام على هذا الوجه الذي ذكرنا. فإذاً بواجب الحكمة كانت اثني عشر، لأن الباري- جل ثناؤه- لا يفعل إلا ألاحكم والأتقن. ومن أجل هذا جعل الأفلاك كريات الشكل، لأن هذا الشكل أفضل الأشكال، وذلك أنه أوسعها وأبعدها من الآفات، وأسرعها حركة، ومركزه في وسطه، وأقطاره متساوية، ويحيط به سطح واحد، ولا يماس غيره إلا على نقطة، ولا يوجد في شكل غيره هذه الأوصاف، وجعل أيضاً حركته مستديرة، لأنها أفضل الحركات. وهذه البروج الاثنا عشر تنقسم بين هذه الكواكب السبعة السارة من عدة وجوه،
ولها فيها أقسام وخطوط من وجوه شتى:
فمنها البيت والبال، ومنها الأوج والحضيض،
ومنها الشرف والهبوط، ومنها الجوزهر، يعني الرأس والذنب،
ومنها ربوبية المثلثات، ومنها ربوبية الوجوه، ومنها ربوبية الحدود،
ومنها ربوبية النوبهرات، ومنها ربوبية ألا ثنى عشريات، ومنها ربوبية مواضع السهام، وغير ذلك، وإن هذه الكواكب السيارة كالأرواح، والبروج لها كالأجساد
ذكر البيوت والوبال
فنقول: أعلم أن الاسد بيت الشمس،
والسرطان بيت القمر،
والجوزاء والسنبلة بيتا عطارد،
والثور والميزان بيتا الزهرة،
والحمل والعقرب بيتا المريخ،
والقوس والحوت بيتا المشتري،
والجدي والدلوبيتا زحل.
ولكل واحد من هذه الكواكب الخمسة بيت من حيز الشمس وبيت من حيز القمر.
ووبال كل كوكب في مقابله بيته. وهذه الكواكب لبعضها في بيوت بعض مواضع مخصوصة،
فمنها الشرف والهبوط، ومنها الأوج والحضيض، ومنها الجوزهر،
تفسير ذلك:
فأما الشرف فهو أعز موضع للكواكب في الفلك، والهبوط ضده،
والأوج أعلى موضع للكواكب في الفلك، والحضيض ضده.
فشرف الشمس في الحمل وهوبيت المريخ وأوجها في الجوزاء بيت عطارد،
وشرف زحل في الميزان بيت الزهرة، وأوجه في القوس بيت المشتري، وجوزهره في السرطان بيت القمر.
. ومعنى الجوزهر تقاطع طريق الكواكب لطريق الشمس بممرها في البروج في موضعين أحدهما يسمى رأس الجوزهر والآخر ذنب الجوزهر، وذلك أن زحل إذا سار في البروج، يكون مسيره في ستة أبراج عن يمنة طريق الشمس، ثم يعبر إلى الجانب الآخر ويسير ستة أبراج عن يسرة طريق الشمس، فيحدث لطريقها تقاطع في موضعين أحدهما يسمى الرأس والآخر الذنب، ولكل كوكب من الخمسة السيارة جوزهر مثل ما لزحل مذكور ذلك في الزيجات. وأما المذكور في التقاويم فهو الذي للقمر. ويقال لهما أيضاً العقدتان وإنما اختص ذكرهما في التقاويم لأنهما ينتقلان في البروج والدرج ولهما سير كسير الكواكب، ولهما دلالة كدلالة الكوكب.
وإذا اجتمع الشمس والقمر في وقت من الأوقات عند أحدهما في برج واحد ودرجة واحدة، انكسفت الشمس، ولا يكون ذلك إلا في آخر الشهر، لأن القمر يصير محاذ ياً لموضع الشمس من البرج والدرجة، فيمنع نور الشمس عن أبصارنا فنراها منكسفة مثل ما تمنع قطعة غيم عن أبصارنا نور الشمس، إذا مرت محاذية لأبصارنا ولعين الشمس. وإذا كانت الشمس عند أحدهما وبلغ القمر إلى الآخر انخسف القمر، ولا يكون خسوف القمر إلا في نصف الشهر، لأن القمر في نصف الشهر يكون في البرج المقابل للبرج الذي فيه الشمس، وتكون الأرض في الوسط فتمنع نور الشمس عن إشراقه على القمر، فيرى القمر منخسفاً، لأنه ليس له نور من نفسه، وإنما يكتسي النور من الشمس،
وشرف المشتري في السرطان، وأوجه في السنبلة، ورأس جوزهره في الجوزاء،
وشرف المريخ في الجدي، واوجه في الأسد، وجوزهره في الحمل،
وشرف الزهرة في الحوت، واوجها في الجوزاء، ورأس جوزهرها في الثور،
وشرف عطارد في السنبلة، وأوجه في الميزان، وجوزهره في الحمل،
وشرف القمر في الثور، وأوجه في البروج، متحرك يعرف موضعه ذلك من التقويم والزيج؛
وجملته إذا قارن الشمس فهو عند الأوج، أوقابلها فهو عند الأوج. وفي مقابلة شرف كل كوكب هبوطه من البرج السابع مثله، وفي مقابلة الأوج الحضيض مثل ذلك، وفي مقابلة شرف رأس الجوزهر موضع الذنب من البرج السابع مثله.
أرباب المثلثات والوجوه والحدود
أعلم أن هذه الكواكب السيارة لبعضها في بيوت بعض شركة تسمى" ربوبية المثلثات"
ولها فيها أقسام تسمى" الوجوه"
ولها فيها خطوط تسمى" الحدود".
تفصيل ذلك
أن كل ثلاثة أبراج على طبيعة واحدة تسمى المثلثات كما بين من قبل ذلك، وتديرها ثلاثة كواكب تسمى أرباب المثلثات يستدل بها على أثلاث أعمار المواليد.
فأرباب المثلثات الناريات بالنهار الشمس ثم المشتري، وبالليل المشتري ثم الشمس، وشريكهما بالليل والنهار زحل؛
وأرباب المثلثات الترابيات بالنهار الزهرة ثم القمر، وبالليل القمر ثم الزهرة، وشريكهما بالليل والنهار المريخ؛
وأرباب المثلثات الهوائيات بالنهار زحل ثم عطارد، وبالليل عطارد ثم زحل؛ وشريكهما بالليل والنهار المشتري؛
وأرباب المثلثات المائيات بالنهار الزهرة ثم المريخ، وبالليل المريخ ثم الزهرة، وشريكهما بالليل والنهار القمر .
أرباب الوجوه
اعلم أن كل برج من هذه الأبراج ينقسم ثلاثة أثلاث، كل ثلث عشر درجات يسمى وجهاً، منسوباً ذلك إلى كوكب من السيارة يقال له" رب الوجه" يستدل به على صورة المولود، وعلى ظواهر الأمور.
تفصيل ذلك
العشر درجات الأولى من برج الحمل وجه المريخ،
وعشر درجات الثانية وجه الشمس،
وعشر درجات الأخيرة وجه الزهرة؛
وعشر درجات من الثور وجه عطارد،
والعشر الثانية وجه القمر،
والعشر الأخيرة وجه زحل؛
وعشر درجات من الجوزاء وجه المشتري،
والعشر الثانية وجه المريخ،
والعشر الأخيرة وجه الشمس؛
وعلى هذه القياس إلى آخر الحوت كل عشر درجات وجه لكوكب واحد على توالي أفلاكها كما بينا.
معرفة الحدود
فأما ذكر الحدود وأربابها فإن كل برج من هذه الأبراج ينقسم بخمسة أقسام مختلفة الدرج، أقل جزء منها درجتان، وأكثرها اثنتا عشرة درجة، كل جزء منها يسمى حداً، منسوباً ذلك الحد إلى كوكب من الخمسة السيارة يقال له" رب الحد" يستدل به على أخلاق المولود.
وليس للشمس ولا للقمر فيها نصيب،
الكواكب السيارة
فنقول: اثنان منها نيران وهما الشمس والقمر،
واثنان منها سعدان وهما المشتري والزهرة،
واثنان منها نحسان وهما زحل والمريخ،
وواحد ممتزج وهوعطارد،
وعقدتان وهما الرأس والذنب.
ذكر طبائعها
الشمس" ذكر حار ناري نهاري سعد."
زحل" بارد يابس ذكر نهاري نحس."
المشتري" حار رطب ذكر نهاري سعد."
المريخ" حار يابس أثنى ليلي نحس." الزهرة" باردة رطبة مؤنثة ليلية سعد."
عطارد" لطيف ممتزج سعد."
القمر" بارد رطب أنثى ليلي سعد أسود.
" الرأس" مثل المشتري." الذنب" مثل زحل.
ذكر أنوارها
نور الشمس خمس عشرة درجة أمامها، ومثل ذلك خلفها. نور زحل والمشتري كل واحد تسع درجات قدامه، ومثل ذلك خلفه. نور المريخ ثماني درجات أمامه، ومثل ذلك خلفه. نور الزهرة وعطارد كل واحد سبع درجات أمامه، ومثل ذلك خلفه. نور القمر اثنتا عشرة درجة قدامه، ومثل ذلك خلفه.
ذكر ما لها من الأيام والليالي
أعلم أن الليل والنهار وساعاتهما مقسومة بين الكواكب السيارة، فأول ساعة من يوم الأحد، ومن ليلة الخميس للشمس؛
وأول ساعة من يوم الاثنين، ومن ليلة الجمعة للقمر؛
وأول ساعة من يوم الثلاثاء، ومن ليلة السبت للمريخ؛
وأول ساعة من الأربعاء، وليلة الأحد لعطارد؛
وأول ساعة من يوم الخميس وليلة الاثنين للمشتري،
وأول ساعة من يوم الجمعة وليلة الثلاثاء للزهرة؛
وأول ساعة من يوم السبت وليلة الأربعاء لزحل.
فأما سائر ساعات الليل والنهار فمقسومة بين هذه الكواكب على توالي أفلاكها، مثال ذلك أن الساعة الثانية من يوم الأحد للزهرة التي فلكها دون فلك الشمس؛ والساعة الثالثة لعطارد الذي فلكه دون فلك الزهرة؛ والساعة الرابعة للقمر الذي فلكه دون فلك عطارد؛ والساعة الخامسة لزحل، والساعة السادسة للمشتري، والساعة السابعة للمريخ، والساعة الثامنة للشمس، والتاسعة للزهرة، والعاشرة لعطارد، والحادية عشرة للقمر، والثانية عشرة لزحل؛ وعلى هذا الحساب سائر ساعات الأيام والليالي يبتدئ من رب الساعة الأولى على توالي أفلاكها كما بينا